الدعوة الإسلامية في طورها السري ثم الجهر بها
الدعوة الإسلامية في طورها السري ثم الجهر بها أولا الدعوة في طورها السري كان النبي صلي الله عليه وسلم يعلم تمام العلم كبرياء قريش وعنادها وإصرارها علي التمسك بالقديم وبتراث آبائهم وأجدادهم من عبادة الأصنام، ولذلك فهي لن تخضع وتُذعن له بسهولة بل سوف تقاومه حتي آخر سهم في جعبتها خصوصاً وأن الإسلام سوف يهدد مصالح الطبقة المسيطرة المستعلية المستغلة التي نشأت علي نظام الطبقات والامتيازات الأسرية،
- واستمرأت حياة السيادة والارستقراطية والاستعلاء علي الضعفاء والفقراء فلم يكن هينا علي هؤلاء أن يقبلوا دينا يسوي بين أغنيائهم وفقرائهم وبين سادتهموعبيدهم،
- لذلك قرر النبي صلي الله عليه وسلم أن تكون دعوته إلي الله سرية في البداية يدعو أصدقائه وأقرب الناس إليه ومن يأنس فيهم الخير والاستعداد لقبول الحق والهادي حتي يشتد بهم ساعده،
- فأخذ النبي يدعوا الناس سرا فآمن به طائفة من فقراء الناس وضعفائهم الذين رأوا في الدين الجديد خلاصهم مما هم فيه من شقاء وبؤس،
- واخذ النبي يجتمع بأصحابه الأولين سرا في دار الأرقم المخزومي يتلوا عليهم القرآن الكريم الذي يأتيه به جبريل عليه السلام ثم يعلنهم بتعاليم الإسلام
- واستمرت هذه المرحلة السرية حوالي ثلاث سنوات وبطبيعة الحال كان التقدم فيها بطيئا لطبيعة الظروف وطبيعة المرحلة وكان من الطبيعي كذلك
- أن يتسرب خبر الدعوة إلي قريش ولكنها لم تهتم في البداية بأمر محمد ودعوته ولعلها كانت واثقة من أن حملها علي ترك عبادتها وعبادة آبائها وأجدادها أمر أصعب من أن يُنال إن لم يكن من المستحيل، ولعل قريش لم تكن تقدر خطورة الدعوة وأهدافها في هذه المرحلة،
- علي كل حال استمر الرسول يدعوا إلي دين ربه سرا حتي آن الأوان ليخرج بدعوته من هذا الطور السري إلي الإعلان الصريح ومواجهة قريش بهذه الحقيقة الناصعة.
ثانيا الجهر بالدعوة:
كان من الطبيعي أن يتجه النبي أولا إلي أسرته وعشيرته يدعوهم إلي الإسلام طبقا لأمر الله، بعد هذا الأمر الإلهي بدعوة الأقربين إلي الدين دعا النبي عشيرته وأهله وصنع لهم طعاما في بيته وبعد أن تناولوا طعامهم عرض عليهم الإسلام وحدثهم قائلا مآ أعلم إنسانا في العرب جاءه قومه بأفضل مما جئتكم به فقد جئتكم بخيرى الدنيا والأخرة وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني علي هذا الأمر،
- اعرضوا عنه جميعا وهمو بتركه لكن علي بن أبي طالب نهض وكان لا يزال صبيا وقال: أنا يا رسول الله عونك أنا حرب علي من حاربت،
- ولكن بني هاشم ابتسموا ساخرين من إجابة علي وكأنهم استصغروا الصبي في نظرهم وانصرفوا دون أن يستجيبوا لدعوة النبي، بعد ذلك نزل علي النبي
- قوله “فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ” وكان معني هذا أن ينتقل من دعوة عشيرته الأقربين إلي دعوة أهل مكة جميعا،
- فصعد النبي علي ربوة الصفا وجعل ينادي أهل مكة جميعا يا بني تميم يا بني زهرة يا بني مخزوم يا بني عبد مناف ف اجتمعوا عليه جميعا
- فقال لهم أرأيتم لو أني أخبرتكم أن خيلا خلف هذا الجبل تريد أن تُغير عليكم أكنتم مصدقي؟
- فقالوا نعم ما جربنا عليك كذبا قط فقال لهم النبي فإني نذير لكم ورسول الله إليكم خاصة وإلي الناس كافة بين يدي عذاب شديد
- والله أمرني أن أُنذر عشيرتي وإني لا أملك لكم من الدنيا منفعة ولا من الآخرة نصيبا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله،
- عندئذ نهض عمه أبو لهب وصاح ساخرا وقال له تباً لك ألهذا جمعتنا،
- وانفض الناس من حول النبي دون أن يؤمنوا به ولقد استاء النبي جدا من موقف عمه أبو لهب،
- ولكن الله تعالي تولي عنه إجابة هذا المشترك القاسي القلب فأنزل فيه سورة المسد،
- ولتغضب قريش وليغضب أبو لهب وأمثاله فإن ذلك لن يوقف مد الدعوة الإسلامية.
شاهد فى موقع أنا لوزا تفسير سورة المسد